هزيمة خط التسوية تعني الرجوع للخط الثوري..


هزيمة خط التسوية تعني الرجوع للخط الثوري..

نضال عبد الوهاب

أكثر من مرة قد أوضحنا رأينا برفض ما يتم الترتيب له بعقد تسوية مع الانقلابيين  من عسكر وحلفاء لهم بدأت أولاً تحت رعاية الآلية الثلاثية ثم انتقلت إلى لقاءات ما بين “الحرية والتغيير” وقادة الانقلاب من العسكريين بوساطة ورعاية أمريكية سعودية ثم دخول الآلية الرباعية وتمت عدد من اللقاءات والإجتماعات منها ما هو مُعلن وغير المُعلن، ثم تم إدخال الإسلاميين مُمثلين في المؤتمر الشعبي كذلك الاتحادي الأصل اللذين كانا مع البشير حتى سقوطه وحلفاء للمؤتمر الوطني عبر إلحاقهم ومشاركتهم في ورشة الإعلان الدستوري التي دعت لها تسييرية نقابة المحامين لإعداد مسودة الدستور الانتقالي تمهيداً لمشاركتهم في هياكل وسلطة الفترة الانتقالية واعتبارهم قوى من قوى الثورة والانتقال تحت ذريعة رفضهم للانقلاب ومن باب توسيع القاعدة الاجتماعية للانتقال ومنع الإقصاء..

وأسباب رفضنا لهذه التسوية أيضاً أوضحناها، خاصةً الشق المُتعلّق بإعادة الإسلاميين للمشهد وإعطاؤهم صك عودة الحركة الإسلامية فعلياً للسُلطة وللعلن وهم من قامت الثورة ضدهم وضد وجودهم فيها، ورفضنا ذلك بمنطق أن البلد لم تتخلّص من تمكينهم وآثار خرابهم بعد ولم تضع نفسها في طريق الإصلاح الشامل والتعافي من ما فعلوه في السُودان وشعبه، وأن مشاركتهم الآن تعني قطع الطريق أمام العدالة الانتقالية والإصلاح للقوانين والمؤسسة العسكرية وجميع مؤسسات الدولة التي لاتزال تعُج بكوادرهم وتمكينهم ووفق سياساتهم، إضافة لطمس وإعاقة أو إيقاف لإزالة التمكين واستعادة الأموال المنهوبة من قبل الإسلاميين ورموزهم لصالح الشعب والدولة، والأهم أن هذه التسوية ستعجِّل بقيام انتخابات دونما أي تغيير حقيقي، سيعطي ويمهد للإسلاميين والعسكر الإحكام على ما يتم من الفترة الانتقالية ثم يعيدهم للسُلطة عبر انتخابات هم يعلمون جيداً كيف سيُسيرونها بما لديهم من أموال وأجهزة تابعة للسُلطة والدولة وفي ظل قوانين انتخابية تنقل لهم السُلطة هم وحلفاؤهم من القوى القديمة والتي ما جاءت الثورة إلا ضدهم…

أي أن هذه التسوية وبهذه الطريقة ما هي إلا “خديعة” باسم التغيير والتحول الديمُقراطي لتأتي ببعض “رُقع الشطرنج” من المدنيين لمُشاركة الإسلاميين والعسكر للسُلطة في الفترة الانتقالية ثم تميل الكفة سريعاً ودونما أي إنجاز حقيقي للثورة أو تغيير حقيقي وتموت العدالة وتذهب كل هذه التضحيات بمبرِّر المُحافظة على السُودان من الانزلاق والتفتت والحرب والفوضى وغيرها من “بعاعيت” كسر الثورة وإجهاضها لصالح قوى الثورة المُضادة واستمرار وجود السُودان كمُجرّد تابع ومُنفذ لأجندة هذه القوى ذات المصلحة الأساسية في عدم إحداث أي تغيير وتحول حقيقي للديمُقراطية في السُودان وتقدم ونمو واستقلالية..

والسؤال المُباشر الذي سيأتي من قبل “البعض” ممن يعتقدون في هذه التسوية ويعملون لها هو (إذاً ما هو الحل للخروج بالبلد من هذا المأزق والأزمة؟).. والإجابة عليه ببساطة هي في أن يعود الجميع لخط الثورة، ونعني بالجميع هنا كُل من يؤمن بالتغيير الحقيقي لصالح البلد وعمل يوماً للثورة ويؤمن كذلك بالديمُقراطية ويهمه تحقيق العدالة وإصلاح الدولة والقوانين والمؤسسات وأولها الجيش نفسه، ويؤمن إيماناً قاطعاً بأن كُل هؤلاء الشباب وكل من ضحى بروحه ودمه وأجزاء من جسده لأجل التغيير تستحق أن تتواصل مسيرة الثورة حتى الإيفاء بكل متطلّباتها ووفاءً لكل العهود مع تلك الأرواح التي ارتقت وصعدت وهم في مقتبل العمر فداءً لهذا التغيير والثورة..

العودة لخط الثورة تعني كذلك تنازلاً من بعض “المُتنطعين” والمُتشديين باسم التغيير “الجذري” لطريق يجمعهم بكل من يختار العودة لخط الثورة أو يحاول البحث عن حلول دونما إصدار شروط أو فرمانات أو التعامل وفق مُزايدات أو استعلاء لعقد حوارات وتفاهمات، تقوية الخط الثوري تكون بتقديم تنازلات لبعضنا البعض من المؤمنين بالتغيير الحقيقي، دون التوقف عند ما تحاول الثورة المضادة والعسكر والكيزان وبعض الحركات والمليشيات ممن وقفوا مع الانقلاب ودعموه بتخويف وإرهاب شعبنا بـ”بعاعيت” الانزلاق والحرب والفوضى…

في الأساس إن لشعبنا قضية وهو يعبِّر عنها بكل سلمية باذلاً للتضحيات ومستعداً للمزيد منها لأجل عدالة قضيته ولأجل نجاحه في التوصل لأهدافه… لم يسر شعبنا كل هذا المسير الشاق في درب الثورة لكي يعود خالي الوفاض وينهزم أمام جبروت الكيزان وعسكرهم وأنانيتهم المُفرطة، ولا أن ينهزم لصالح قوى الثورة المُضادة التي لا تهمها غير مواقع كراسي سلطتها ومصالح دولها في العيش من ثروات بلادنا ولا يهم كيف سيعيش من يمتلكون حقاً هذه الثروات.. من حق شعبنا أن يختار كيف يعيش وكيف يُحكم وبمن.. ومن حقه النضال لأجل الحرية وأن ينعم بالسلام الحقيقي وأن تتحقّق العدالة على أرضه والتوصل لديمُقراطية وتنمية واستقرار وتقدّم..

على الذين وقفوا مع الانقلاب من المدنيين أو الحركات نقد ذاتهم والإعتذار لشعبنا والتوجّه لأسر الشهداء بطلب العفو ونفض يدهم من الانقلابيين إن أرادوا الالتحاق بالخط الثوري وإلا سيعتبرهم شعبنا والانقلابيين سواء، فالسلام الذي يُبرِّرون لأجله الوقوف مع العسكر الانقلابيين لم ولن تجلبه مشاركتهم السُلطة وكراسيها على حساب دماء شبابنا ودون أن يتحقّق أي سلام حقيقي وشامل على الأرض..

هزيمة خط التسوية هي بداية لهزيمة الانقلاب وتبدأ بالتنسيق المشترك دونما أي شروط ومواصلة الثورة والتصعيد الثوري في الشوارع وفي تقوية الجبهة النقابية وتوحيد الجهود في الإضراب والعصيان وكل طرق المقاومة ومؤكد أن شعبنا إذا توحّدت قواه الثورية في الأحزاب والقوى السياسية والمدنية والمهنية ولجان المقاومة والنساء والشباب والطلاب وكل فئات الشعب فسينتصر لا محالة وإن تجمّعت كل قوى الشر والثورة المُضادة علينا…

وأخيراً لكل الأصدقاء في المجتمع الدولي ومُساندي الحرية والديمُقراطية وقيّمها إن هُم أرادوا حقاً صداقتنا وشراكتنا ودعمنا فليقفوا مع أهداف شعبنا في ثورته ورغباته ومطالبه العادلة ويدعموا خطه الثوري وليس خط الثورة المضادة والقوى المُعادية لشعبنا وللديمُقراطية…

3 أُكتوبر 2022م

تاريخ الخبر: 2022-10-10 09:22:58
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

جريمة مروعة بتنغير.. مختل عقليا يزهق روح طفلة عمرها 10 سنوات

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-09-20 00:23:20
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 79%

إسرائيل تطلب من سكان المدن والمستوطنات البقاء بالقرب من الم

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 00:23:32
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

البيت الأبيض: نشعر بالخوف والقلق من التصعيد المحتمل فى الشرق الأوسط

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 00:23:30
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 45%

اتكلم عربى.. مزايا تخليك حريص إن أولادك يتعلموا بلغتهم الأم (إنفوجراف)

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-09-20 00:23:22
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 42%

ملياردير شهير أمام القضاء بتهم الاحتيال العقاري وتزوير الوثائق

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-09-20 00:23:23
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 79%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية