شكت أسرة سودانية من عملية مماطلة وتهديد تعرضت لها من قطب رياضي معروف عقب وفاة ابنها في موقع عمل تابع له.
الخرطوم- التغيير: سارة تاج السر
كشفت أسرة سودانية، عن مأساة تعرّض لها ابنها بوفاته في موقع عمله بعمارة تحت الإنشاء، ولم يتم اكتشاف جثمانه إلا بعد عدة أيام، لتتواصل فصول المأساة بعد مماطلة رب العمل في تعويض الأسرة لمدة ثلاث سنوات، بل وتهديدها باستخدام النفوذ.
وفاة مأساوية
بتاريخ 18 نوفمبر 2018م اختفى عبد القادر عمر عبد القادر- 18 عاماً- في ظروف غامضة، داخل مقر عمله، في عمارة تحت الإنشاء بشمبات مربع «17»- الدرة، لتقود رائحة تعفّن الجثة، إلى العثور عليه، ملقياً في بئر البدروم بعد مرور «72» من اختفائه.
وتولت الشرطة عملية استخراج الجثة وأحيلت إلى المشرحة لمعرفة سبب الوفاة، بعد أن باشرت النيابة التحقيقات.
ورغم أن تقرير الطب الشرعي أكد أن الوفاة نتيجة الغرق في البئر وإصابة في الرأس بجسم صلب أي «إصابة عمل» إلّا أن رب العمل رفض تعويض أسرة عبد القادر رغماً عن مرور أكثر من ثلاث سنوات على الحادث، واشترط شطب البلاغ من محاضر الشرطة وهدّد باستغلال نفوذه، حال اتخذت أي إجراءات ضده- حسب الأسرة.
الخروج الأخير
أجبرت الظروف الاقتصادية في الأيام الأخيرة لحكم المخلوع عمر البشير، الطالب عبد القادر، على العمل في الذهب لتأمين رسوم الدراسة ومساعدة أسرته الفقيرة، وبعد نجاحه في امتحانات الشهادة السودانية، عاد إلى الخرطوم وتم استيعابه في جامعة الرباط، غير أن نفقات الدراسة ومصروفه الشخصي اضطرته للعمل مرة أخرى عامل بناء، بواسطة أحد معارف الأسرة، في عمارة تحت التشييد من عشرة طوابق في شارع الشهيد مطر «الإنقاذ سابقاً»، وبعد انتظامه في العمل لمدة «5» أيام، فقدت الأسرة ابنها وحاولت الاتصال به كثيراً إلّا أن هاتفه ظل مغلقاً وخارج التغطية.
بحث.. ثم فاجعة
قالت والدة عبد القادر- مريم حامد أحمد جمعة لـ«التغيير»: «بعد ثلاثة أيام من البحث في أقسام الشرطة والمستشفيات تلقينا اتصالاً من الشركة بالعثور على عبد القادر في بئر البدروم بالعمارة محل عمله، وقام مدير الموقع جعفر محمد كباشي بإبلاغ الشرطة كما تولى واجبات العزاء، بينما دون شقيقه علي عمر عبد القادر، بلاغا بالرقم 231 بقسم الحلفايا بحري.
وتتكون أسرة عبد القادر من خمسة أشقاء، حيث يعمل الأكبر «علي» بالشرطة، بينما الثلاثة الأصغر في سن الدراسة، وتقيم الأسرة في منطقة دار السلام بمحلية جبل أولياء مع والدتهم «في نهاية الأربعينات»، فيما يعمل والدهم في جنوب كردفان.
وتعاني الأسرة من أوضاع اقتصادية صعبة، وبعد فقدان ابنها أصيبت والدته بـ«غدة وضغط وقولون عصبي» وتم تحديد إجراء عملية جراحية للغدة منذ أعوام إلا أنها لم تتمكن من إجرائها.
مماطلة وتهديد
من جانبه، قال شقيق عبد القادر لـ«التغيير»: «ما جري لأخي قتل خطأ ومسؤولية تقصيرية وإهمال يتحمّله صاحب الشركة حسن برقو رئيس الاتحاد المحلي لكرة القدم بولاية غرب دارفور، لأن الوفاة حدثت في موقعه».
وأشار إلى أن برقو أرسل مدير أعماله للتفاوض مع الأسرة وعرض عليهم مبلغ تعويض قدره «600» ألف جنيه، بشرط شطب البلاغ.
وأكد علي، أن البلاغ لا يمكن شطبه لأن هناك حق خاص وحق عام حتى وإن أعفت الأسرة فإن الحكومة لن تتنازل عن حقها، وقال: «طيلة السنوات الماضية لم يتواصل معنا برقو إلا خلال العام الجاري».
وأضاف: «لم نطالب بأي تعويض مقابل وفاة شقيقي وإنما هو من بادر بالاتصال بالأسرة وقدّم عرضه ثم بدأت سلسلة الشروط والمماطلة».
وتابع علي: «بعد اتصال هاتفي ببرقو أصر على شطب البلاغ مقابل استلام التعويض وطلب عدم الاتصال عليه في هاتفه كما هدّد باستغلال نفوذه في الحكومة».
تفاصيل الحدث
من جهته، قال المدير السابق للمشروع جعفر محمد كباشي لـ«التغيير»، إنه بحكم موقعه قام بشراء قطعة الأرض في شارع الإنقاذ بشمبات مربع «17»- الدرة حيث يتكون المبنى من «10» طوابق وأكد مسؤوليته المباشرة عمّا يدور في الموقع إدارياً وفنياً.
وأضاف بأنهم فتحوا الفرصة للمقاولين بعد الفراغ من العمل الخرساني، وبعد اتخاذ الإجراءات اللازمة تم الاتفاق مع أحد المقاولين وفقاً للعروض التي طُرحت ويتولى المقاول جلب العمال وكل ما يحتاجه لإنجاز عمله، وأشار إلى أن الموقع ضم «96» عاملاً يتم تسجيل حضورهم صباحاً ونهاية الدوام.
وذكر كباشي، أن عبد القادر كان من ضمن العمال، إلا أنهم تفاجأوا باختفائه يوم الثلاثاء وحضرت والدته للموقع في اليوم التالي، ليتم العثور عليه اليوم الثالث في بئر البدروم بعد انبعاث رائحة الجثمان، حيث تم إخراج الجثة بواسطة الدفاع المدني وإحالتها للمشرحة.
ولفت إلى أنه تولي إقامة العزاء لـ«عبد القادر» بالتعاون مع المهندسين والعمال وتم تسليم الأسرة مبلغ «5» آلاف جنيه فقط لاغير، كما قدّموا شهادتهم في التحقيق، وأوضح أنه شرح لـ«برقو» الوضع بوفاة طالب جامعي في موقع التشييد وأن أسرته فقيرة، باعتباره صاحب العمل وكان وقتها في دولة الإمارات، ووعد بالتواصل مع العائلة بعد وصوله الخرطوم.
وواصل كباشي قائلاً إنه خلال نهاية 2018م تفجّرت ثورة ديسمبر وتأخر برقو «4» أشهر في الإمارات، وفي 2020م انفصلت عن برقو بعد علاقة عمل استمرت «25» عاماً. وأبدى كباشي استنكاره لمماطلة برقو للأسرة التي توفي ابنها نتيجة إصابة عمل وهو عامل «رزق اليوم باليوم»، كما استهجن تهديد برقو لكونه مسؤولاً بالحكومة.
