من بين المشاكل التي تشغل بال الأهل في مرحلة المراهقة، مشكلة تهيئة أولادهم تهيئة ملائمة بقدر الإمكان لحياة النضج، وخاصة ما يتعلق بالمعنى الحقيقي للجنس في حياة الإنسان، فالثقافة الجنسية الصحيحة تكاد تكون شبه معدومة في مجتمعنا، وهي إن وجدت تعاني من تعتيم، فنجد أن الأهل يتخلوا في كثير من الأحيان، عن واجبهم في توعية أبنائهم لصعوبة المهمة وقلة استعدادهم، أو أنهم في أحسن الأحوال يوكلوا هذا الواجب لغيرهم ناسين أن التربية الجنسية هيمن حق الوالدين ومن واجبهم الأساسي، و في هذا التحقيق نتناول أهمية التربية الجنسية للمراهقين، وكيفية تنفيذهامع أبنائنا.

“التربية الجنسية للمراهقين تعني مفهوم سليم عن الجنس والحب والزواج وتربيتهم على العفة”

وأوضح القس صموئل حبيب كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بحدائق القبة أن مفهوم التربية الجنسيّة يُعلِنه الكتاب المقدّس: “فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلَقَهم” ( تك 1 / 27 ).

وأضاف القس صموئيل: “هذا يعني أنّ الإنسان، منذ الخلق، هو كائن (مجنس) على حد تعبير العلوم الإنسانية، وهو مدعو إلى النضج، بحيث يصل إلى “ملء قامة المسيح” انطلاقاً من الجنس الذي ينتمي إليه، ولذلك فعملية التربية عموماً، والتربية الأسريّة خصوصاً هي أنتُنشِّئ الطفل ليبلغ تمام الرجولة، والطفلة لتبلغ تمام الأنوثة، وهذا يعني، في نهاية المطاف أن ما يُدعى بالتربية الجنسية بالمعنى الواسع، هو في الحقيقة تربية أسريّة تأخذ بعين الاعتبار الجنس الذي ينتمي إليه المتربي وتحترم قوانينه، ذلك لأنّ الإنسان.

كما أسلفنا، هو منذ البدء كائن “جنساني” مطبوع بالجنس منذ الولادة، وهو لا يمكنه أن يدرك العالم ويحدّد موقفه منه إلاّ من خلال جنسه.

وأكد القس صموئيل، أن الانسان قبوله العالم أو رفضه له إنّما يتمّ من خلال قبوله أو رفضه للجنس الذي ينتمي إليه، كما أن صحته النفسية وتوازن شخصيته يتوقفان إلى حدّ كبير على مدى قبوله أو رفضه لجنسه في وعيه أولا وعيه على حد سواء.

وإذا كانت التربية الأسرية تعني وظيفة العائلة تجاه أولادها من جميع النواحي انطلاقاً من الجنس الذي ينتمون إليه، فالتربية الجنسية تعني بالمعنى الضيق إعداد الجنسين لمرحلتي البلوغ والمراهقة، وتكوين مفهوم سليم عن الجنس والحب والزواج، وتربيتهم على العفّة، وتدريبهم على تصعيد الطاقة الجنسية بحيث تتحول إلى طاقة حب تدفعهم بالاتجاه السليم.

فالتربية الجنسية في العمق، هي تربية على الحب بمفهومه الحقيقي، وتنطلق أساساً من تصور سليم للحب والجنس.

“الخدمة الكنسية ودورها في التربية الجنسية”

قالت مارينا عادل خادمة بمرحلة فتيات إعدادي بكنيسة القديسة دميانة بالهرم: تلك الفترة أصبحت صعبة جدًا للفتيات، مما يشاهدون على السوشيال ميديا من خطف وتحرش واعتدائات ونحن نسعى في الخدمة أن نحتوي توترهم وخوفهم، لم يعطينا المجمع المقدس أمر بتدريسمادة التربية الجنسية داخل الكنيسة ولكني أتوقع أنه سوف يحدث تغيير في هذا الأمر مع تعدد الجرائم.

وأشارت مارينا: نحن نقوم بتوعية الفتيات بطريقة غير مباشرة لأننا ندرك تمامًا أنهم لديهم فكرة عن الأحداث لذلك نسعى بتوصيل أفكارمختلفه عن الموضوع لأنهم في سن ناضج وليس طفوليًا، لذلك نتحدث معهم عن فكرة الأفعال الخاطئة الذي ممكن يقوموا بها تجعلهم عرضة للتحرش الجنسي أو اللفظي، ومن تلك الأفعال أكل اللبان بصوت عالي طريقة المشي وشكل الملابس وطريقة الضحك وغيرها.

كما أننا نخاطبهم أن كل شئ وله وقته الصحيح حتى يكتمل ويكون جيدة وبالطبع وبنعمل توضيح على شكل العلاقة بين الولد والبنت فىعمرهم، وأن المفروض العلاقة تكون محدوده وليها حدود يجب أن يتبعها الطرفين، لأننا ندرك أننا في مجتمع مفتوح ويجب التعامل مع الجنس الآخر، وكذلك ذلك السن صعب جدًا لأنه سن مرهقة وفضولي في كل شئ.

وأضافت: كما نسعى لافتقادهم باستمرار وسماع مشاكلهم وحلها حتى لا يلجأون لأشخاص ممكن تأذيهم لذلك نتواصل دائمًا معهم من خلال الافتقاد المنزلي أو من خلال الاتصال المباشر، ونحول بأقصى جهودنا أن نقترب منهم ونخلق ثقة بيننا حتى لا يخشون من التحدث معنا فىأمور حياتهم، ونسعى أن نحببهم في جسدهم لأن بعضهم يروا أن لو ربنا خلقهم أولاد كانوا أخذوا مساحة أكبر من الحرية، وتلك الفكرة جديرة أن تهدم أشياء كثيرة داخلهم، لذلك نحن نسعى أن نعرفهم على دور المرأة في الحياة وأن من غيرها لم يكن لدنيا، وجود وأن جسدنا يجب أن نحبه بالصورة التي خلق عليها، ومما سبق يجب أن ندرك أن الخدمة لها دور كبير في التوعية لكن بطريقة غير مباشرة.

“الكنيسة تشارك في توعية أبنائها الجنسية.. وهناك فرق بين التربية الجنسية والتوعية الجنسية”

و أوضح الأستاذ بيشوي صموئيل مدرب نفسي أطفال ومراهقين، أنه التوعية الجنسية تعتبر مهمة جدًا للمراهقين، وخصوصًا في وقتنا الحالي نتيجة لانتشار المعلومات غير السليمة عبر شبكة الإنترنت، والتي من الممكن أن تزودهم بمعلومات خاطئة، الأمر الذي يؤثر فيمابعد على حياتهم العامة وحياتهم الزوجية خصوصًا.

وأضاف “بيشوي”، أن التوعية الجنسية لا تزال مسؤولية الوالدين، ومع دعمهم ومن خلال بيئة آمنة تعزز وجهات النظر الإيجابية والثابتة للجنس يمكن أن يكبر ابنك المراهق و يصبح مسؤول في المستقبل عن حياة زوجية سعيدة ومنضبطة، وأصبحت الكنيسة اليوم تشارك في هذا الدور لأهميته في حياة أبنائها.

يجب علينا في البداية أن نوضح مفهومين رئيسين: الأول “الثقافة الجنسية” والثاني “التربية الجنسية”. الثقافة الجنسية هو إكساب الشخص معلومات معينة عن موضوع الجنس، أما التربية الجنسية فهي أشمل وأعم، فهي عملية تربوية مستمرة منذ ولادة الطفل إلى ما بعدالبلوغ، حيث تشمل الإطار القيمي والأخلاقي المحيط بموضوع الجنس باعتباره المسؤول عن تحديد هوية الطفل من هذا الموضوع في المستقبل.

ويتخوف الآباء والأمهات عادة من أسئلة الأبناء الجنسية والمحرجة، أو حتى يتهربون من شرح الموضوع لهم، إما لأنهم تعرفوا على الأمورالجنسية عن طريق الصدفة، ولم ينشأوا على التربية الجنسية السليمة.

والأبناء لديهم ميل طبيعي وفطري لاكتشاف الحياة بكل ما فيها، فتأتي أسئلتهم تعبيرًا طبيعيًا عن يقظة عقولهم، وبالتالي ينبغي على المربي ألا تربكه كثرة الأسئلة أو مضمونها، وألا يزعجه إلحاح الصغار في معرفة المزيد، بل على المربين التجاوب مع هذه الحاجة.

– فعليك أن تكون أميناً وواضحاً في توصيل المعلومة لابنك..

– احترم وجهة نظر ابنك

– شجع ابنك على طرح الأسئلة وتجنب قمعه أو توبيخه فالمصارحة والمكاشفة تجعل الأهل على اطلاع كامل على كل ما يفكر في ابنهم.

– امنح ابنك كامل المعلومات المتعلقة بالجنس بما يناسب عمره، بذلك فقط ستنجح في حمايته وستضمن مستقبله.

“ثلاث نقاط على الأسرة استغلالهم”

وقالت الدكتورة أمل عزت متخصصة في المشورة الأسرية: إنه في زماننا صار الجنس من الموضوعات الرئيسية في الأخبار والأنشطة الترفيهية والإعلانات، وقد يصعب أحيانًا تجنب الحديث عن هذا الموضوع الذي يفرض نفسه دائمًا.

ومع ذلك، حين يأتي الوقت الذي يحتاج فيه الوالدان والأبناء المراهقون أن يتجاذبوا أطراف الحديث عن الجنس، فلا يكون الأمر سهلاً دائمًا. وإذا ما انتظرت إلى أن تحين اللحظةالمثالية، فقد يفوتك الكثير من الفرص. ولذلك، فمن الأحرى أن تفكّر في التوعية الجنسية كموضوع مستمر للمناقشة.

و أوضحت أنه يجب على الوالدين اتباع بعض القواعد التي تساعدهم في التوعية للمراهقين وهي:

اغتنم الفرصة:

عندما يطرح برنامج تليفزيوني أو فيديو معين مسائل ذات علاقة بالأخلاقيات الواجب اتباعها فيما يخص الجنس فاستخدمه كفرصة للمناقشة.

كن أمينًا:

إذا شعرت بعدم الراحة، فلا تجعل إحساسك حبيس صدرك؛ تحدث عن أحاسيسك مع ابنك؛ ولكن أوضح أنمواصلة الحوار أمر مهم جداً. وإذا لم تعرف كيف تجيب عن أسئلة ابنك المراهق، فاعرض عليه أن تبحث له عن الإجابات أو أن تتشاركا في البحث عنها.

أفسح مجالاً أرحب للمناقشة:

اسمح لابنك المراهق بأن يعرف بأنه لا بأس من الحديث حول موضوع الجنس أحيانًا حين يريد الاستفسار عن شيء أو كانت عنده مخاوفبشأنه. احرص على تشجيعه على طرح مثل هذه الأسئلة بقولك إنه لمن دواعي سروري أن تأتي إليّ.

“التوعية مسئولية المدارس والجامعات ولا تقتصر على الأم والأسرة”.

ومن جهتها، قالت الدكتورة هالة حماد، أستاذ الطب النفسي للأطفال والمراهقين، إن التوعية الجنسية لمرحلة المراهقين تختلف على حسب العمر، لأن مرحلة المرهقة تنقسم إلى عمرين من 11 إلى 14 ومن 14 إلى ١٦ وكل مرحلة منهم لها توعية جنسية مختلفه، فيجب أن نشرح لتلك السن معنى الإساءة الجنسية، وما هي اللمسة المقبولة وغير المقبولة، يجب تعريف المراهقين عن معنى الإساءه الجنسية، بمعنى أن ممكن الإساءة الجنسية تكون بين فتاة عمرها 14 سنة وشاب عمره 20 سنة، وهي تعيش قصة حب معه وتتخيل أن ما يحدث صحيح وطبيعي، ولكن المفهوم الصحيح لتلك العلاقة أنها استغلال جنسي لصغر سنها، لذلك يجب على الأم أن تسعى لخلق علاقة ودودة بينها وبين ابنتها حتى تستطيع أن تقدم لها التوعية في حياتها.

ويجب أن ندرك إن مشاهدة الأفلام الجنسية عبر مواقع الإنترنت المختلفة وللأسف يوجد العديد من المراهقين الذين يشاهدون تلك الأفلام في وقت مبكر لذلك يجب أن يتم توعيتهم أن مثل هذه الأفلام غير مقبولة أخلاقيً ودينيًا، ويجب أن نتحدث مع هؤلاء المراهقين عن العادة السرية ونتحدث معهم عن أضرارها العديدة التي سوف يعاني منها في المستقبل وأن الدين لا يقبل تلك الأمور.

وأضافت الدكتورة هالة: نحن نعيش في مجتمع مفتوح وأولادنا أصبحوا يتأثرون بالعادات الغربية من خلال الإنترنت وإنترنت فيلكس الذي يعطي أفكار تتوافق مع فكرة المثلية الجنسية، وهذا يجب أن يتم مناقشته في مجال أوسع وكيف هو غير صحيح لأن يوجد بحث عالمي اتعمل أثبت أنه لا يوجد جين يحدد الاتجاه الجنسي للإنسان ومعنى هذا أن المثليه اختيارية، لذلك يجب توعية المراهقين أن تلك الأحداث ترفضها جميع الأديان السماويه المسلم والمسيحي.

وكذلك نحن نحتاج أن نوعي أولادنا أن الفكر الغربي، الذي أباح العلاقات الجنسية قبل الزواج نحن نختلف معه ويجب أن نتلاشى تلك الأفكار التي لا يقبلها مجتمعنا، لذلك يجب أن ندرك أن توعية التربية الجنسية للمراهقين لها العديد من المحاور ويجب اشتراك المدارس فيها والجامعات ولا تقتصر التوعيه على الأم والأسرة.

ومن الضروري أن يهتم الإعلام على نطاق أوسع للتوعية الجنسية ويلقي الضوء على حماية الذات والعادات المصرية التي ترفض تلك الأفكارالتي يقبلها الغرب، ويجب على الرقابة أن تفعل دورها في الحفاظ على العادات والتقاليد في المشاهد الموجودة داخل الدراما ويجب على صناع الأفلام أن تقدم دراما تحترم عقول جميع فئات المجتمع وأن تبعد عن البلطجة والمشاهد الجنسية المثيرة.