الطريق إلي شرم الشيخ (1): فجوة الابتعاثات
الطريق إلي شرم الشيخ (1): فجوة الابتعاثات
تستضيف مصر علي أرضها في شرم الشيخ في نوفمبر القادم المؤتمر السابع والعشرين للقمة العالمية للمناخ المعروف اختصارا: COP.27
وهو تحديدا مؤتمر أطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ Conference of the Parties (COP) of the United Nations Framework Convention on Climate Change (UNFCCC).
وسوف تطرح علي مائدة هذا المؤتمر القضايا الكبري المتعلقة بالتغير المناخي, وأخطر هذه القضايا هي ما اصطلح علي تسميتها فجوة الابتعاثات Emissions Gap.
فعلي الرغم من أثر جائحة كوفيد-19 علي التقليص النسبي لابتعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي خلال عامي 20-2021 تستمر غازات الدفيئة في الارتفاع, غير أن النطاق غير المسبوق لتدابير الإنعاش الاقتصادي المترتبة علي كوفيد-19 يقدم فرصة نادرة للانتقال إلي الاقتصاد منخفض الكربون, الذي يهيئ التغيرات الهيكلية المطلوبة للحد من الابتعاثات المستمرة لغازات الاحتباس الحراري, ويعد اغتنام هذه الفرصة أمرا بالغ الأهمية لسد فجوة الابتعاثات.
لقد قدمت الدول تقارير مساهماتها المحددة المعتزمة وطنيا إلي مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين الذي عقد في باريس عام 2015, وفي هذه التقارير تعهدت الدول بخفض طوعي لابتعاثات غازات الدفيئة عام 2030 يبلغ 4مليارات طن فقط من غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) المكافئ, بينما كشفت دراسات السيناريوهت المختلفة للجهود المطلوبة علي كل الأصعدة عن وصول إجمالي ابتعاثات غازات الدفيئة عام 2030 في إطار السياسات الحالية إلي حوالي 59 مليار طن (CO2) مكافئ, وفي ظل المساهمات غير المشروطة يصل إجمالي الابتعاثات إلي حوالي 56 مليار (CO2) مكافئ, وفي ظل المساهمات المشروطة المحددة وطنيا يصل إلي حوالي 54 مليار طن (CO2) مكافئ, مما يشير إلي فجوة خطيرة في الابتعاثات يتعين علي العالم عبورها في مدي زمني قصير بكل المقاييس.
ولكي نتفهم فجوة الابتعاثات علي نحو جيد نتخذ من حالة المساهمات المشروطة المحددة وطنيا خط الإسناد الضروري لبلوغ زيادة في درجة حرارة جو الأرض لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية.
فعلي نحو ما تبين لنا فيما سبق أقل كمية من غازات الدفيئة تبتعث في حالة المساهمات المشروطة المحددة وطنيا لكل الدول هي 54 مليار طن (CO2) مكافئ, بينما أعلي كمية تبتعث من غازات الدفيئة عام 2030 كي لا تزيد درجة حرارة جو الأرض علي 1.5 درجة مئوية هي 32 مليار طن (CO2) مكافئ, وذلك معناه أن فجوة الابتعاثات التي يتعين تقليصها تحت كل الظروف هي 22 مليار طن (CO2) مكافئ.
أما إذا قبلنا بأعلي درجة لحرارة جو الأرض لا تزيد علي 2 درجة مئوية فإن أعلي مقدار لغازات الدفيئة في جو الأرض يتعين ألا يتجاوز 38 مليار طن (CO2) مكافئ, مما يعني أن هنالك فجوة في الابتعاثات يجب تقليصها تصل إلي 16 مليار طن (CO2) مكافئ.
وسواء أردنا ألا تزيد درجة حرارة جو الأرض علي 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية لحماية كوكب الأرض من التأثيرات المدمرة لتغير المناخ فإن فجوة الابتعاثات بين الإجمالي العالمي للابتعاثات بحلول عام 2030, وفق سيناريوهات المساهمات المحددة المعتزمة وطنيا ووفق المسارات التي تحد من الدفيئة العالمية لما دون 1.5 أو 2 درجة مئوية, هي فجوة ضخمة جدا.
لقد أضاف الافتقار إلي إجراء ناجع لتقليص غازات الدفيئة حتي الآن إضافة هائلة لتحدي تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ, والفشل في خفض الابتعاثات العالمية بشكل كبير بحلول عام 2030 سيجعل من المستحيل الإبقاء علي الدفيئة العالمية عند حدود 2 درجة مئوية, وتلك هي القضية الأكبر علي مائدة التفاوض في شرم الشيخ بنهاية هذا العام.