رغم القفزة التي حققناها في مؤشر السياحة وحصولنا على المركز الـ33، فإن هذا القطاع لا يزال غير متطور بالشكل الذي نطمح إليه، فالماضي لا يزال يلاحقنا، ولذلك نرى أسواقنا التي يفترض أن تصبح أحد المرافق التي ينفق فيها من يأتينا الملايين، غير مؤهلة للقيام بذلك، فهي لا تزال تعيش ضمن إطار العقلية التي حرمتنا الكثير وجعلتنا معتمدين على مداخيل النفط وحدها.
وأنا هنا لا أريد الإشارة إلى غياب «الواي فاي» في العديد من أسواقنا، رغم عدم ارتفاع تكلفة هذه الخدمة، بالمقارنة مع فوائدها، والتي ليس أقلها نقل انطباعات المتسوقين لذويهم وأصحابهم فوراً، فهذا دعاية وتسويق شبه مباشر وشبه مجاني للماركات التجارية التي تنفق على الدعاية ملايين الريالات، ولن أتوقف أيضاً على مضايقات الرسائل النصية من هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، التي يستلمها القادمون أول ما تحط أرجلهم على أرض المملكة، لأن هذه الرسائل التي يستلمها زائرو البلد، تعتبر أسوأ دعاية للسياحة فيه.
إن هذه الأسطر سوف تركز على موضوع آخر أسهل، هو غرف مقاسات النساء في الأسواق، فهذه الغرف إما أن تكون غير متوفرة في بعض المجمعات التجارية، الأمر الذي يضطر المتسوقات إلى أخذ الملابس للبيت وإرجاعها فيما بعد، إن لم تكن مناسبة، وهذا فيه جهد ومضيعة للوقت، في ظل الزحام الذي تشهده المدن الكبرى كالرياض. خصوصاً، وإن بعض الماركات التجارية ترفض استبدال أو استرجاع بعض ما يشترى منها، واللوم هنا على وزارة التجارة وليس عليها.
أو أن هذه الغرف متوفرة ولكنها ليس في نفس المحل الذي يبيع الملابس، وإنما وليعذرني القراء في المراحيض، وهذا فيه أذى معنوي من ناحية، وجهد إضافي يقع على المشتريات. فقبل مغادرة محلات البيع إلى المراحيض للقياس لا بد من دفع مبلغ أو رهن بقيمة ما سوف يؤخذ للقياس، وإذا لم يكن هناك كاش فيلزم البحث عن صراف آلي، وهذا كله يتناقض مع فلسفة التسوق التي يفترض أن يكون متعة وليس عناء وتعبا، خصوصاً بعد أن أصبحت النساء هن البائعات.
وأعتقد أن الجهات المعنية بالسياحة يفترض عليها التحرك منذ زمن، فتحول المملكة إلى بلد سياحي لن يتم من خلال بناء المدن السياحية فقط، وإنما أيضاً عبر تطوير الأنظمة والإجراءات والبيئة الجاذبة للسياح، والرقي بها إلى أعلى المستويات العالمية، فالسياحة صناعة لا يمكن أن يُؤخذ منها جزء ويُترك جزء آخر، حتى لا يتعطل الحزام الذي ينقل السياح من الخارج إلى بلدنا.
* صحيفة الرياض
