بنك الصين الشعبي يعمل على الشكل الرقمي لعملته السيادية منذ عام

أعلن بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) منذ أيام، أنه سيتم توسيع برنامجه التجريبي لليوان الرقمي، ليشمل المزيد من المدن المحلية، وذلك بعد تشغيله الناجح على مدى السنوات الماضية .. ويبدو أن اليوان الصيني بصدد التحول إلى مكوّن مهم ضمن مكونات النظام المالي العالمي، حيث أوضح مسح المستثمر الحكومي العالمي، الصادر عن منتدى المؤسسات النقدية والمالية الرسمية، أن 30% من البنوك المركزية تخطط لزيادة حيازاتها من اليوان على مدار السنتين القادمتين مقارنة مع 10% فقط العام الماضي.

هذا وينظر الكثير من المحللين الاقتصاديين والسياسيين إلى «اليوان » على أنه أكبر تهديد واجه الغرب خلال الثلاثين أو 22غ33في نمط الحياة للأفراد، وتصدير سلطتها الرقمية ، ويُذكر بنك التسويات الدولية أن هناك نحو ستين جهة تعمل على عملات افتراضية أو دخلت المرحلة التجريبية لعملاتها بالفعل.

وكان لافتاً للنظر على المستوى المعاملات الدولية مسألة إطلاق الصين عملة اليوان الرقمي لأكثر من مليون مواطن صيني، في حين ما زالت الولايات المتحدة تبحث في كيفية إطلاق عملتها الرقمية، والصين ليست وحدها في هذا السباق، حيث تدرس العديد من البنوك المركزية تطوير العملات الرقمية، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بينما تقول التقديرات في الاتحاد الأوروبي إن اليورو الرقمي أمامه فترة لن تقل عن 4 سنوات أخرى.

وذكر البنك في بيان له أن العملة الورقية الرقمية، أو e-CNY ، ستكون مُتاحة في بلديتي تيانجين وتشونغتشينغ، ومدينة قوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ في جنوبي الصين، ومدينتي فوتشو وشيامن في مقاطعة فوجيان بشرق البلاد، وست مدن في مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين التي تستضيف دورة الألعاب الآسيوية 2022.

هذا وبلغ حجم التعاملات باليوان الرقمي في الصين ما يقرب من 87.57 مليار يوان (13.78 مليار دولار) بنهاية العام الماضي 2021، فى الوقت الذى تحظر فيه بكين استخدام العملات المشفرة الأخرى لأنها لا تخضع للتنظيم من مؤسسات مالية، فضلاً عن أنها عرضة للمضاربة.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية للصين ” شينخوا” مسؤول في بنك الشعب الصيني قوله ، بأنه يُجرى التعاون مع مديرية المالية في هونغ كونغ والبنوك المركزية في كل من تايلاند والإمارات العربية المتحدة في مشروع بحثي متعدد الأطراف، فيما يتعلق باليوان الصينى ، مشيرة إلى أن تجريب اليوان الرقمي يُحرز تقدماً كبيراً، مع استخدامه في المزيد من سيناريوهات تجريبية.

يتحدى هيمنة الدولار

من المقرر أن يتحدى اليوان الرقمي الصيني الناشئ هيمنة الدولار على تسويات التجارة الدولية في العقد المقبل، وفقاً لريتشارد تورين، مؤلف كتاب “بلا نقود: ثورة العملات الرقمية في الصين”.

وقال “تورين”: ” تذكر أن الصين هي أكبر دولة تجارية، وسترى اليوان الرقمي يحل ببطء محل الدولار عند شراء أشياء من الصين”، هذا وتأتي تعليقات” تورين ” ، فيما تكثف الصين جهودها لطرح عملتها الرقمية والتي باتت متقدمة جداً مقارنة بنظرائها العالميين.

وأضاف المصرفي السابق، الذي عمل أيضاً في مجال التكنولوجيا المالية: “إذا قضينا حوالي 5 إلى 10 سنوات، نعم يمكن لليوان الرقمي أن يلعب دوراً مهماً في تقليل استخدام الدولار في التجارة الدولية”، ويرى أن الدافع نحو أنظمة الدفع البديلة من المرجح أن يأتي من رغبة الدول في تقليل اعتمادها الحالي “بنسبة 100% في الغالب” على الدولار.

من ناحية أخرى ، تشكل الخصوصية مصدر قلق كبير في هذا الصدد؛ لذلك يراقب الباحثون والمحللون الأمريكيون عن كثب طرح «اليوان الرقمي» في الصين. وقالت نيها نارولا، مديرة مبادرة العملة الرقمية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «أعتقد أنه إذا كان هناك دولار رقمي، فإن الخصوصية ستكون جزءاً مهماً جداً من ذلك. فالحالة في الولايات المتحدة مختلفة تماماً عنها في الصين».

وقال تورين، إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم “يتقدم حالياً في جميع التقنيات المالية بعقد من الزمان”، وأضاف أن الولايات المتحدة ستستغرق “خمس سنوات أخرى بسهولة” فقط للخروج من التخطيط والتجارب من أجل دولار رقمي محتمل.

أدوات جديدة لمراقبة اقتصادها

وفي حين أصبح اليوان الرقمي من أهم التحديات التي تواجهها أميركا على صعيد النظام المالي العالمي، من المتوقع أن تمنح العملة الرقمية الحكومة الصينية أدوات جديدة لمراقبة اقتصادها.

هذا ويعمل بنك الصين الشعبي على الشكل الرقمي لعملته السيادية منذ عام 2014. وعلى صعيد الولايات المتحدة، لم يتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي موقفاً بشأن ما إذا كان سيصدر دولاراً رقمياً، بينما دعا الرئيس جو بايدن الحكومة مؤخراً إلى اتخاذ قرار “الاستعجال” في البحث والتطوير لإصدار رقمي محتمل من الدولار.

كانت سلطات بكين قد استغلت احتفالات رأس السنة الصينية في 12 فبراير لنشر ثلاثة مشاريع تجريبية واسعة النطاق لتوزيع يوان رقمي بقيمة 1.5 مليون دولار تقريبًا في شكل “حزم حمراء” بقيمة 30 دولارًا لكل منها.

تراجع استخدام النقود الورقية

أما المعاملات التي تستخدم اليوان الرقمي فلن تحتاج إلى بروتوكول «سويفت» الذى تستخدمه أغلب الدول لتسوية معاملاتها المصرفية أو إلى الدولار، وهو ما سيؤثر بشكل واضح على استخدام العملة الأمريكية في التجارة الدولية، ومع وجود أكثر من 120 دولة تعتبر الصين أكبر شريك تجاري، والكثير من الأسئلة حول التسوية بالدولار لأنها تضيف مخاطر مالية غير ضرورية، فمن المتوقع حدوث تأثيرات اقتصادية هائلة من الخطوة الصينية، ورغم ذلك تقول الصين إنها لا تحاول استبدال الدولار باليوان الرقمي، وإن الهدف الأساسي هو السماح للسوق باختيار وسيلة التسوية التي تناسبه.

أما الخطر الثاني فهو أنه إذا لم تلبِّ البنوك المركزية الطلب على النقود الرقمية، فإن قوى السوق ستفعل ذلك، حيث يتراجع استخدام النقود الورقية في الفترة الأخيرة خاصة مع انتشار فيروس كورونا الذي أدى إلى انتشار واسع النطاق لبطاقات الائتمان اللاتلامسية، وفى كل الأحوال فإن النقود الرقمية أفضل لأنها أقل كلفة للاستخدام.

أما ثالث المخاطر فيتعلق بأن البلدان التي تفشل في تبني العملات الرقمية ربما تفقد فيها البنوك المركزية السيطرة على السياسة النقدية لصالح العملات المشفرة، لأنه ببساطة إذا أصبحت العملات المشفرة غير السيادية مستخدمة على نطاق واسع لأغراض الدفع، فسوف تجد البنوك المركزية صعوبة في إدارة اقتصاداتها عن طريق تحديد أسعار الفائدة أو تغيير المعروض النقدي، وبالطبع لن يكون أمامها إلا حظر العملات المشفرة لكن هذا يعني التخلي عن جميع المزايا التي تجلبها.

يخلف عن الـ ” بيتكوين ”

ووفقاً لتقرير شبكة “سي إن إن”، فإن اليوان الرقمي يُعطى بكين كمية غير مسبوقة من المعلومات حول كيف وأين ينفق الناس أموالهم، وهو نهج يتعارض مع القصد الأصلي من العملات الرقمية، حيث تعتمد بيتكوين والعملات الرقمية الأخرى على نظام بلوكشين لامركزي يمنع أي شخص أو منظمة واحدة من السيطرة.

وقامت عدة مدن صينية بما فيها بكين و شنتشن وسوتشو بتجربة العملة الرقمية منذ العام الماضي ، واختبرت الصين استخدام اليوان الرقمي في أكثر من 10 أماكن من شنتشن إلى شانغهاي ومنطقة شيونغآن الجديدة، نقلاً عن وكالة “شينخوا” الصينية، وفي الآونة الأخيرة، تم إدراج بكين ومدينة تشانغجياكو في البرنامج، بعد اختبارات معنية تمت خلال دورة الألعاب الشتوية الأولمبية وأولمبياد المعاقين للعام 2022، وقال بنك الشعب الصيني في (ورقة بيضاء) تمثل أول إفصاح شامل عن خططه إنه سيعزز أمن البيانات وحماية المعلومات الشخصية بينما يمضي قدماً في اختبار محلي لليوان الرقمي.

وتم تشكيل عدد من أوضاع التطبيق في البيع بالجملة والتجزئة، والمطاعم، والسياحة ودفع الرسوم الإدارية، والتي تغطي سيناريوهات متصلة عبر الإنترنت وخارجها، ويمكن تكرارها والترويج لها، وفقاً لاجتماع عقده البنك المركزي مؤخراً.

من جهة أخرى، قال “المركزي الصيني”، إنه سيستكشف مدفوعات عابرة للحدود باليوان الرقمي، كما يرغب في مناقشة وضع معايير عالمية للعملات الرقمية الإلزامية من أجل التطوير المشترك للنظام النقدي العالمي.