نصرة القيامة بين المستحيل والممكن
نصرة القيامة بين المستحيل والممكن
كلما احتفلنا بقيامة رب المجد يسوع بعد رحلة الآلام التي لم تبدأ في رحلة أسبوع الآلام التي يمتزج فيها الحزن علي آلام السيد المسيح بالفرح لإتمام خلاصة جنس البشر في كل بقاع الأرض بل بدأت منذ ميلاده في مذود بقر حقير من فتاة يتيمة وفقيرة وحياته التي كانت مهددة فإضطر للهروب إلي مصر ثم عودته إلي أرض إسرائيل حيث وطنه وكرازته التي قاسي فيها الأمرين من محاولات الكتبة والفريسيين الدائمة لإدانته وقتله والذي تم بالصلب في نهاية الأمر بحسب خطة الخلاصة المرسومة منذ تأسيس العالم.. إن آلام المسيح لم تقتصر علي أسبوع الآلام بل كان هو الذروة لكنها كانت ممتدة علي مدار 33 عاما هي عدد سنوات عمره علي الأرض بالجسد وإذا ما استعرضنا حياة السيد المسيح نجد القيامة بمفهومها الواسع حاضرة بوجهين كأي عملة والتشبيه مع الفارق الكبير بالطبع واحد وجهي العملة هو الممكن وهو ما يختص بدور البشر أما الوجه الثاني فهو المستحيل الذي لا يقدر عليه سوي الله وحده فعلي سبيل المثال المعجزات التي قام بها رب المجد كانت تمثل قيامة من اليأس للرجاء ورذا عدنا إلي أحاد الصوم التي عشناها مؤخرا نجد المرأة السامرية التي قدم لها الرب المستحيل وهو كشفه لحياتها وغفران خطاياها وترك لها الممكن وهو أن تترك جرتها رمز الخطيئة وتتوب وتكرز الممكن علي صعوبته وهو الانتظار ب38 عاما كاملة والإيمان إن كلمة قم واحمل سريرك وامش من فيم المسيح هو لحظة قيامته وخروجه من سجن مرضه الطويل وفي المقابل نال من الرب المستحيل وهو الشفاء الفوري من مرضه العضال (يو5: 1ـ18) وهكذا بالنسبة للمولود أعمي الذي طلب منه الممكن وهو الإغتسال في بركة سلوام ليقدم له المستحيل وهو خلق عينين له ليبصر بشكل معجزي لا يستطيعه سوي خالق الأكوان وحده (يو9: 1ـ 41) إن كل معجزات الرب يسوع المعروفة لنا في الكتاب المقدس كان طالب فيها البشر بالممكن ليقوم هو بالمستحيل لتري شكل من القيامة بمفهومها الواسع وهو الإنتقال من حالة اليأس زو الإحباط بسبب المرض أو الخطيئة أو العجز عن حل مشكلة مستعصية مثل إشباع الجموع وتحويل الماء إلي خمر في عرس قانا الجليل إلي حالة أمل وتفاؤل ورجاء بسبب عمل الرب المعجزي.
وفي بدء تاريخ البشرية طالب الله ادم وحواء بالممكن وهو الصوم عن شجرة واحدة ليعطيهم المستحيل وهو الحياة الأبدية معه في قداسة دائمة ولكنهما فشلا في الإختبار وكذلك ابنهما قابين أول قاتل في التاريخ ويقدم لنا بولس الرسول هذا المفهوم جليا واضحا في الأصحاح 11 من رسالته للعبرانيين عن الذين طالبهم البر بالممكن علي صعوبته ليعطيهم المستحيل من أول هابيل البر مرورا بأخنون ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسي وانتهاءا بالشهداء في كل عصر الذين رجموا, نشروا, جربوا, ماتوا قتلا بالسيف, طاقوا في جلود غنم وجلود معزي, معتازين مكروبين ومذلين (عب: 11ـ37) وحتي الأباء والأنبياء الذين عانوا من أجل كلمة الله مثل إيليا والأباء السواح والنساك بأنواعهم وصولا للرهبان الذين عبر عنهم بقوله تائهين في براري وجبال ومغابر وشقوق الأرض (عب 11:38).
والخلاصة أن مفهوم القيامة الواسع يتسع ليشمل كل تعاملات الله معنا فهو يطلب رفع الحجر ليقوم لعازر وهو المستحيل ويطلب من التلاميذ ال5 أرغفة والسمكتين وهو الممكن القليل ليشبع 5 آلاف وهو المستحيل, يطلب من شهداد ليبيا أن يصمدوا في وجه جلاديهم الدواعش وهو الممكن بالنسبة لقوة إيمانهم ليمنحهم الأكاليل السمائية وهو المستيحل بل ويجعل سيرتهم سببا في إيمان كثيرين وقيامة آخرين من قبور خطاياهم بالتوبة.. يطلب منا جميعا التوبة والثبات فيه بالتقرب من الزسرار المقدسة والبعد عن طرق إبليس وهو الممكن ليعيدنا إلي حالة آدم قبل السقوط ويجدد معموديتنا كل يوم لنحيا الدائمة وهو المستحيل وبعد. لقد قام الرب بنفسه كاسرا شوكة الموت ولا يزال قبره الذي يضيء كل عام في سبت النور يشهد لقوة المعجزة المستحيلة التكرار لكنه في المعجزات التي تجري في الكنيسة حتي تاريخه وعمل الروح القدس في الشهداء منذ القدم وحتي الشهيد القمص أرسانيوس وديد ابن المدية العظمي الإسكندرية يطالبنا بالممكن في مفهوم القيامة الواسع ليعطينا هو نصرة القيامة المستحيلة فدعونا نقدم الممكن ليقيمنا الرب من قبور خطايانا وأحزاننا وأمراضنا وكل مشاكلنا وهو المستحيل الذي لا يقدر عليه سواه.. وكل عام وجميعكم بخير.