بعد اختفاء لثلاث سنوات.. انقلاب البرهان يعيد «الفلول» للواجهة


بعد انقلاب عبد الفتاح البرهان قائد الجيش في السودان، عادت كثير من الوجوه المرتبطة بنظام الإنقاذ البائد، إلى الظهور السياسي العلني، وفي وظائف مهمة ببعض المؤسسات.

خاص: التغيير

عاد فلول نظام الإنقاذ البائد، الذي أطاحت  به الثورة الشعبية السودانية في أبريل 2019م، إلى مؤسسات الدولة من جديد، بعد اختفاء وهروب دام لأكثر من ثلاث سنوات، ومهّد انقلاب 25 أكتوبر 2021م الذي نفّذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإلغاء قرارات لجنة إزالة التمكين، الطريق لعودة «الكيزان».

مصادر «التغيير»: عودة قيادات النظام البائد تمّت بتنسيقٍ تام مع الانقلابيين

مواجهة المد الثوري

وقالت مصادر لـ«التغيير»، إن عودة قيادات النظام البائد تمّت بتنسيقٍ تام مع الانقلابيين في إطار خطة تهدف لخلق موازنة تُمكِّن قائد الانقلاب البرهان من مواجهة المد الثوري المتواصل، وفقاً لصفقة تتضمّن العودة السرية لتنظيم المؤتمر الوطني، ووقف الملاحقات التي كانت تجري من قبل لجنة إزالة التمكين وإعادة جميع الأصول والممتلكات التي تمت مصادرتها من بعض قياداتهم.

وأشارت المصادر لوجود تململ داخل الجيش، خاصةً الرتب الصغيرة والوسيطة بسبب المآلات الخطيرة التي يقود الانقلابيون البلاد نحوها.

ودفع ذلك البرهان إلى الاستعانة بالأمن الشعبي الإخواني كملاذٍ أخير لمواجهة المد الثوري الشعبي المتزايد، في ظل انعدام الثقة في الحركات المسلحة ومليشيا الدعم السريع «الجنجويد» التي يحاول قائدُها محمد حمدان دقلو «حميدتي» قلب المشهد السياسي والانفراد بالحكم.

الأمن الشعبي

وكشفت مصادر لـ«التغيير»، عن عودة منسوبي الأمن الشعبي، إلى العمل مجدداً، بعد أن ظل أفراد التنظيم سيئ الذكر يُخفون أنفسهم عن الأنظار لأكثر من ثلاث سنوات.

وقالت المصادر إن صفقةً عقدها البرهان مهّدت لعودة مؤسس الأمن الشعبي «عبد الله إدريس» من تركيا.

كما أقيل والي الخرطوم المُعين من قبل رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك بعد عودته عبر اتفاق «21 نوفمبر»، وعُيِّن عنصر الأمن الشعبي المعروف أحمد عثمان حمزة.

عودة «الغطاس»

كما عين قائد الانقلاب، أحد قيادات الأمن الشعبي، العميد نصر الدين الغطاس مديراً للإعلام بجهاز المخابرات العامة، بتوصيةٍ من المدير العام أحمد إبراهيم مفضل.

وبحسب المصادر، فإن الخطوة تفسِّر رغبة البرهان، في إسكات الأقلام الصحفية عبر الترهيب الذي يُجيده الغطاس، الذي قالت إنه يعد واحداً من أسوأ عناصر الأمن الشعبي والمخابرات.

وتأتي المخاوف من تزايد الهجمات على حرية الصحافة من كونه عمل مستشاراً إعلامياً لجهاز الأمن الوطني، في عهد النظام البائد، ولعب دوراً محورياً في تكميم أفواه الصحفيين وإغلاق الصحف.

كما لعب الغطاس، دوراً بارزاً في محاولة إخماد شرارة احتجاجات عام 2018م، حيث أشرف بشكل مباشر على قمع المتظاهرين بالعاصمة الخرطوم، واعتقل العشرات.

فيما تمت إعادة «محمد» نجل القيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول نافع علي نافع، إلى وظيفته بوزارة الطاقة، بعد أن تمّ فصلُه من قبل لجنة إزالة التمكين في وقتٍ سابق مع عدد من منسوبي النظام البائد.

قرارات سابقة

وكانت لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المجمدة، أصدرت قرارات أنهت بموجبها خدمة المئات ممن أطلقت عليهم «عناصر الأمن الشعبي» في العهد السابق، وهو «جهاز استخباراتي سري» تابع لحزب المخلوع البشير وتمتّع بسلطات واسعة في ملاحقة واعتقال وتعذيب معارضي النظام، كما يُتهم أيضاً بارتكاب انتهاكات واسعة شملت القتل في حق الكثيرين.

واستعادت اللجنة أيضاً شركات وأسهماً مملوكة لقادة في النظام المعزول، بعد إثبات حصولهم عليها بطرق غير قانونية، مستغلين نفوذهم في السلطة الحاكمة آنذاك.

كما صادرت اللجنة آليات ثقيلة استولى عليها أتباع نظام المخلوع، كانت تابعة لـ«مشروع الجزيرة»، أكبر المشاريع الزراعية في السودان.

لجنة المعلمين: إعادة «تمكين الكيزان» في وزارة التربية والتعليم أدت لتراجع العمل

غبن وغضب

فيما كشفت عضو لجنة المعلمين السودانيين قمرية عمر، عن إعادة الانقلابيين «تمكين الكيزان» في وزارة التربية والتعليم، الأمر الذي أدى لتراجع عمل الوزارة وعودتها إلى عهد الجبايات وتمويل مشاريعها من جيوب أولياء الأمور.

وأكدت لـ«التغيير»، أن عودة عناصر النظام البائد  للوزارة لها تأثير سلبي للغاية لأنهم عادوا وهم يحملون الغبن والغضب من تغييرات ما بعد الثورة، وألغوا كل القرارات الثورية والتي كانت ستقود للتغير الجذري في التعليم وتزيل التخريب الممنهج الذي قامت به الإنقاذ في الوزارة من مناهج دراسية مشوهة وضعيفة خاصة إدارة النشاط الطلابي والتي كانت ذات طابع أمني وقمعي فاسد.

وقالت قمرية: «الآن عادت هذه الإدارات لاستغلال قطاع التعليم لمصلحتها حيث عادت الجبايات بعد انقطاعها لسنتين مثل الصرف على الامتحانات الصفية- الفترتين الأولى والثانية- والمرحلية».

وأوضحت أن الوزارة في فترة حمدوك ألزمت الولايات بطباعة هذه الامتحانات وتوفيرها بشكل مجاني لكل الطلاب، لكن الآن عادت تكلفة الامتحانات بالكامل لتثقل كاهل أولياء الأمور، إضافة إلى نثريات الوزارة ومكاتب التعليم والتي يتم الصرف عليها مما يعرف بـ«المساهمة» من مال الطلاب وأولياء الأمور.

تهريب المخلوع

ولم يكتف الانقلابيون بإعادة أفراد وقيادات النظام البائد لمؤسسات الدولة فقط، بل عملوا على إخراج قادة النظام البائد المتهمين بانقلاب 1989م، وترحيل بعضهم من سجن كوبر إلى مستشفى علياء تمهيداً لتهريبهم خارج البلاد حتى لا تتم معاقبتهم.

وقالت مصادر لـ«التغيير»، إن المخلوع عمر البشير ونائبه بكري حسن صالح، ويوسف عبد الفتاح موجودون في مستشفى علياء ويتمتعون بكافة أشكال الراحة وحرية الحركة داخل المشفى.

وأوضحت أن البشير لا يعاني من أي مرض في الوقت الحالي فقط ضغط الدم غير منتظم- حسب المصادر.

ولم تستبعد المصادر أن يتم تهريب البشير للخارج خاصةً في ظل الهشاشة الأمنية التي تشهدها البلاد، ليتم اتهام جهات بعينها بتهريبه حتى لا تتم محاكمته.

وكشفت تقارير صحفية في وقتٍ سابق، عن محاولة لتهريب البشير ورموز نظامه من محبسهم بسجن كوبر.

فيما ردت الشرطة وقتها، بأنها لم ترصد محاولة كهذه، وأن القوات المكلفة بحراسة وتأمين سجن كوبر تؤدي واجبها بكفاءة واحترافية ويقظة.

عضو بالحرية والتغيير: عناصر النظام البائد ممسكون بكل مفاصل الدولة الآن

عودة نظام المخلوع

وقال المعز حضرة عضو تحالف الحرية والتغيير  لـ«التغيير»:

«منذ انقلاب 25 أكتوبر كل قيادات الإنقاذ المقبوضة في بلاغات على رأسهم الرئيس المخلوع يقبعون في أجنحة فاخرة بمستشفى علياء».

وتابع: «ربما هذا الاتفاق تمهيداً لإطلاق سراحهم أو تهريبهم».

واعتبر أن عناصر النظام البائد الآن ممسكون بكل مفاصل الدولة.

وكشف حضرة عن إعادة جميع الممتلكات التي صادرتها لجنة إزالة نظام الثلاثين من يونيو، «وهذا بمثابة عودة لنظام المخلوع بنفس الوجوه القديمة».

وأكد أن الشعب السوداني أصبح واعياً، ولا يمكن أن تمرّر مثل هذه الأشياء عليه، لذلك استمرت مقاومة هذا الانقلاب منذ أن بدأ وحتى هذه اللحظة».

وتابع: «الشعوب سوف تنتصر مهما طال الأمد والزمان».

احتفال بعودة المفصولين

احتفالات وذبائح

عودة عناصر النظام البائد لوظائفهم، صاحبتها احتفالات وذبائح، وما إن بدأوا العمل، حتى عادوا لسلوكهم القديم «الحكم باسم الدين»، وتم استقبالهم بالأناشيد الجهادية القديمة والتهليل والتكبير، وسجود الشكر.

فيما سخر رواد مواقع التواصل الإجتماعي من تلك الصورة التي وصفوها بأنها مستفزة للثورة وللشهداء وأسرهم، وأكدوا أن الشعب السوداني الذي ظل يخرج للشوارع منذ انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم «لن يهدأ لهم بال حتى إسقاط الانقلابيين ومن شايعهم اقتصاصاً للشهداء وإعادة السلطة للشعب السوداني».

ذكرى «الميل 40»

خروج فلول النظام البائد إلى العلن، بدا أكثر وضوحاً عندما احتفل عدد من شباب الإسلاميين المحسوبين على المؤتمر الوطني والأمن الشعبي بذكرى «الميل 40» ورفاقهم الذين قتلوا في حرب جنوب السودان، بعد أن ظلت هذه الذكرى في طي النسيان طوال السنوات الثلاث الماضية بعد الاطاحة بنظام البشير بثورة شعبية، لكن انقلاب 25 أكتوبر منحهم فرصة أن يعودوا للاحتفال به على مرأى ومسمع الجميع في ساحة الحرية وهم يرددون الأغاني الجهادية ويتذكرون رفاقهم.

وقالت المصادر إن الاحتفال خاطبه القيادي الإسلامي ناجي عبد الله، وحث شباب الإسلاميين على «ضرورة العودة إلى العمل في العلن، وحمل الرسالة التي ضحى من أجلها الأخوة الشهداء».

محلل سياسي: عودة عناصر النظام السابق محاولة لخلق مطية سياسية تحمي الانقلابيين وتتعاون معهم

مطية سياسية

وذهب الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، إلى أن عودة عناصر النظام السابق محاولة من الانقلابيين لخلق مطية سياسية تتولى حماية انقلابهم والتعاون معهم.

وقال لـ«التغيير»، إن هذا تحول يؤكد أن الانقلابيين زهدوا تماماً في سند سياسي من المجموعات المتحلِّقة حولهم من الحركات الموقعة على سلام جوبا والحواضن الإجتماعية من الإدارات الأهلية والطرق الصوفية.

وأضاف بأن هذا يظهر أيضاً في تحركات أطراف من اتفاق سلام جوبا واعترافهم أن الوضع السياسي والاقتصادي يمضي صوب الانهيار، ما جعل المجموعة الانقلابية تفكر في احتضان النظام السابق في عدة أمور منها:  «أولاً:  ستعمق الكره الشعبي له، ثانيا: تعزِّز القناعات بضرورة خروج مجموعة الخمسة الممثلين للمكون العسكري من المشهد السياسي في أحسن الحالات، وثالثاً: ظهور المجموعة سوف يثير مخاوف إقليمية ودولية، صحيح يمكن أن تأخذ ردة الفعل وقتاً ولكن بكل تأكيد هذا الأمر بجانب تصرفات أخرى محسوبة على الانقلابين خاصة الاستعانة بروسيا، ستبدأ فعلياً في تنامي القلق من سلوك هذه المجوعة».

احتفال بعض الذين أعادهم انقلاب البرهان لمؤسساتهم

خلق مشاكل

وقال أبو الجوخ إن «عودة فلول النظام السابق إلى وظائفهم لن تعود بأي نفع في أداء مؤسسات الدولة الرسمية، لأن معضلة القطاع العام ليست نتيجة لاتخاذ قرارات بإبعاد كوادر ومنسوبي النظام البائد، ولكن هو مرتبط بمشاكل هيكلية ملازمة للخدمة المدنية أثرت على كفاءتها وفعاليتها وجودة الأداء فيها».

وأوضح أن عودة الكوادر من الأرجح ستخلق مشاكل داخل الدور الحكومية لأنه بعد قرارات التفكيك تمت ترقيات لعدد من الموظفين وتقلّدوا مواقع، بالتالي ستكون هنالك أعداد كبيرة لديها درجات عليا وهي من الأعباء، وهذا مع الوضع الاقتصادي الحالي سوف ينهك الميزانية ويلقي عليها أعباء إضافية».

وأشار أبو الجوخ إلى أن الدليل والرد على الذين يتحدثون عن أن التفكيك أفقد الخدمة المدنية كفاءتها، «أن البشير نفسه هو من قام بإنشاء دولة موازية وليست الحكومة الانتقالية، وهذا يعد اعترافاً بمشاكل الخدمة المدنية، ولذلك لجأ لتكوين دولة موازية والاعتراف سيد الأدلة».

أبو الجوخ: محاولة الاستقواء بالنظام البائد لن تحول دون وصول الانقلاب لقدره المحتوم بأن يهزم ويدحر

القدر المحتوم

وقال أبو الجوخ إن «محاولة الاستقواء بالنظام البائد ولو وصلت أطماع البشير للسلطة مجدداً هي لن تحول دون وصول هذا الانقلاب لقدره المحتوم بأن يهزم ويدحر».

وأضاف: «الأوضاع الحالية في السودان ليست هي التي كانت سائدة في الشهور الأخيرة لحكم البشير، لا على المستوى السياسي والاقتصادي ولا من حيث المطالب بالحقوق والمستوى الإقليمي».

وتابع: «لو كان البشير ونظامه وجد قبولاً محلياً وإقليمياً ودولياً لما انتهى بهم المطاف في 11 ابريل».

وزاد: «لو كان فيه نفع ليستمر نظامه لكان اليوم في قصره حاكماً لا في محبسه مسجوناً وأقصى أماني انصاره ألّا يمثل أمام المحكمة الجنائية أو يهربونه من محبسه بعد ما كان الآمر الناهي لطول البلاد وعرضها».

وأردف: «ولذلك الاستعانة بالنظام البائد خيار جُرّب وسقط وسيسقط مرة أخرى».

تاريخ الخبر: 2022-03-24 21:23:38
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

«طيور الظلام».. محرضون ودعاة فتنة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

«الحليمي» يهدد النساء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

التقوا 12 مرة.. الزعيم «عُقدة» العميد - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية