بوريطة يتصل بنظيريه الروسي والأوكراني: المغرب يؤكد على نهج الحياد وينأى بنفسه عن تداعيات الصراع الروسي الغربي


الدار/ افتتاحية 

الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة مع نظيريه الروسي والأوكراني ليس مجرد محاولة للإسهام في الجهود الدولية المبذولة من أجل تحقيق الهدنة والتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، بل هو في الحقيقة رسالة أخرى مهمة يريد المغرب أن يبلغها للمعنيين بهذا النزاع وكذا لمختلف شركائه الدوليين والغربيين على الخصوص. فمن الواضح أن المغرب اختار مباشرة بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا أن يتخذ موقفا مبنيا على الحياد. لقد تُرجم ذلك بشكل مباشر عندما تغيّب المغرب عن جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ناقشت ملف الحرب في أوكرانيا وكان ذلك قرارا ليس بالسهل بتاتا في سياق دولي جارف حشدت فيه الولايات المتحدة الأمريكية جل دول العالم ضد روسيا.

من المهم التوقف عند هذه المحطة الدبلوماسية لأنها تعكس بالفعل جانبا من التطور والتحول الذي تشهده السياسة الخارجية للمملكة منذ سنوات. تنزع هذه السياسة أكثر فأكثر نحو الاستقلالية عن قرارات الشركاء في أوربا والحلفاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية. ولم يكن من الهين بتاتا أن يخرج المغرب عن قائمة الدول التي صوتت لإدانة الغزو الروسي في أوكرانيا، لكن هذا الموقف ينطوي على قراءة ذكية لمستقبل الصراع في المنطقة وكذا لمآل العلاقات بين الدول الغربية وروسيا. انتصار روسيا في هذه الحرب وفرضها لإرادتها سيمثل بلا شك إحراجا للعديد من البلدان، الصغيرة على الخصوص، التي انساقت وراء التجييش الغربي. كما أن هزيمة روسيا وبوتين لن تنال في النهاية من موقف المغرب الذي على الرغم من عدم تصويته على الإدانة فإنه يحتفظ بعلاقات متميزة مع الدول الغربية لا يمكن أن تتأثر بما حدث.

لكن العنوان الذي يمكن أن نستخلصه من مقاربة المغرب الدبلوماسية وتعاطيه مع هذا النزاع هو “نهج الحياد” كاستراتيجية جديدة يريد المغرب أن يؤكد عليها. لقد تبين ذلك بجلاء من خلال البلاغ الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية بعد اندلاع الحرب وتأكيدها بالخصوص على احترام المملكة المغربية “للوحدة الترابية والوطنية لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”. فبلادنا واعية تمام الوعي بأن الاصطفاف في أحد المعسكرين لا بد ستكون له انعكاسات سلبية على الدعم الدولي لقضية الوحدة الترابية ولمشروع مبادرة الحكم الذاتي الهادفة إلى حل النزاع المفتعل. ولهذا فإن الالتزام بالحياد في معركة تبدو معركة جيواستراتيجية كبيرة يعتبر أعقل الخيارات التي يمكن تبنّيها خصوصا أن حقيقة هذه الحرب تتجاوز أوكرانيا لأنها تمثل في الواقع مواجهة مفتوحة بين روسيا ومن وراءها وبين الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا.

لأجل ذلك فإن استمرار المملكة المغربية في مقاربة هذا النزاع خارج دائرة الانحياز لهذا الطرف أو ذاك يحقق لنا ضمانة ضرورية لعلاقات جيدة مع جميع الأطراف. فالحرب ستنتهي في النهاية إلى عقد اتفاق بين روسيا وأوكرانيا وقد يحصل كل منهما على الحد الأدنى من مطالبه، لكن من المؤكد أن الاصطفافات التي حدثت منذ اندلاعها ستؤثر بما لا يدع مجالا للشك على مستقبل العلاقات الخارجية للعديد من الدول سواء في منطقتنا أو بعيدا عنها. ينبغي التذكير هنا على سبيل المثال أن العديد من الدول الإفريقية ومنها السنغال اختارت أن تصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد إدانة روسيا. لقد أرسلت هذه الدول الإفريقية من خلال هذا التصويت ضد إرادة الغرب رسالة سياسية مهمة ضد عقلية التجييش والحشد التي تتعامل بها معها بعض القوى الدولية. وهذا ما يؤكد أن التوجه المعتدل الذي نهجه المغرب في مقاربته لهذا الملف ليس نابعا من الفراغ بل هو أيضا نتيجة طبيعية للمعادلات التي تتشكل شيئا فشيئا في منظومة النظام العالمي الجديد.

تاريخ الخبر: 2022-03-23 00:23:55
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية