تأملات فى لحن الصليب “فاى إيتآف إينف” (١)


عزيزي القاريء يسعدني ويبهج قلبي كلما تأملت في معاني كلمات وموسيقى ونغمات لحن فاي إيطاف إينف. لحن الصليب العجيب الذي أعتبره من أجمل ألحان الكنيسة القبطية. لذا رأيت أن أجعلك تشترك معي في هذه الوليمة الروحية. لحن فاي إيطاف إينفيُقال في عيدى الصليب ( 17 – توت 19 & 10 برمهات) وفي صلاة الساعة السادسة والتاسعة من يوم الجمعة العظيمة.

وقد صاغه الأب القديس الذي كنت أتمنى أن أعرف إسمه وزمن تأليفه، لانه مما لا شك فيه أنه يتمتع بروحانية عالية وعمق روحي لا مثيل له، كما أنه يتمتع بعلم موسيقي غزير وقدرة فائقة في فهم المقامات الموسيقية وكيفية الإنتقال بينها ببراعة ليس لها مثيل.فالمقام الأساسى للحن فاي إيطاف إينف هو مقام الحسينى، وهو من فصائل مقام البياتى، ألا أن اللحن ممتلئ بالتحولات المقامية العجيبة والجميلة.

وكلمات اللحن تقول ترجمتها للعربية:

“هذا الذى أصعد ذاته، ذبيحة مقبولة، على الصليب، عن خلاص جنسنا.

فاشتمه أبوه الصالح، وقت المساء على الجلجثة.”

ويمكنني أن أشرح لك عزيزي القارئ هذا اللحن بتقسيمه إلى 9 أجزاء:

1. البداية الرصينة الزخرفية:

اللحن بالرغم أنه يقال فى يوم الجمعة العظيمة والتى تسمى الجمعة الحزينة، إلا أنه ليس حزينا بالمرة، فهو وإن كان وقوراً فى مطلعه رصينا فى بدايته، إلا أنه يحمل بين ثناياه زخارفا وحليات تعبر عن البهجة، كما أنه ليس بطيئا.

وهذا طبيعيا ، فهو لحن الصليب الذى يقال فى عيدى الصليب، وعيدى الصليب يعاملا معاملة الأعياد السيدية، فيصلى فيهما بالطقس الشعانينى والفرايحى.

فخشبة الصليب بالرغم من أنها تلامست مع جسد المسيح المتألم، وتخضبت بدمه الذكى الكريم المنسكب من كل جراحاته، وبالرغم من أنه لم يُربط عليها بل سُمر فيها، وبالرغم من أنها إستمعت عن قرب لكل أنات المخلص، إلا انها فى المقابل أسعدت كل البشرية إذ كانت السبب فى خلاصها ونجاتها من الموت الأبدى.

أفلا تستحق هذه الخشبة المقدسة أن نعيد لها؟ وأن نفرح بها، وأن نصيغ لها لحنا خاصا ، وأن يحوى هذا اللحن بعض الزخارف والحليات التى تعبر عن سعادتنا بها؟

إن مطلع اللحن يتسم بالوقار والفخامة والقوة وهذا طبيعى، لان الصليب هو الوسيلة الوحيدة التى تجعل الأنسان يموت واقفا على رجليه، أى يموت وهو قائما. فالسيد المسيح لم يقع ميتا لكنه مات قائماً، إذ مكتوبٌ:

” أنتن تطلبن يسوع الناصرى المصلوب.. قد قام ” (مر16:6)

ومكتوب أيضاً:

“خروف قائم كأنه مذبوح ” (رؤ5: 6)

وخشبة الصليب هى رمزا للقوة:

“كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين،

فهى قوة الله”(1كو1: 18)

وهى مدعاة للافتخار إذ مكتوبٌ:

“حاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح” (غل 4:6)

2. الجملة الحالمة المتكررة ثلاث مرات:

“هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد على الصليب”

فالصليب هو علامة الحب للبشرية كلها، لذا فاللحن تتكرر به جملة حالمة مفعمة بالحب تتكرر ثلاث مرات للتأكيد على أن الصليب هو علامة حب لا نهائى.

كما أنه رمزا للحياه “مع المسيح صلبت فأحيا”( غل20:2)

كما أنه رمزا للمصالحة والسلام “فقد صنع المسيح هذا الصلح بدم صليبه” كو 20:1

وهذه الجملة الحالمة المتكررة تنتهى كل مرة بمجموعة من السلالم الموسيقية االمتتالية الانخفاض التى تصل إلى أكثر النغمات إنخفاضا فى منطقة القرارات من اللحن، وكأن اللحن يريد أن يؤكد أنه من أجل الحب الإلهى نزل إلى تواضعنا، ثم نزل أيضا إلى الجحيم من قبل الصليب.

3. لمسة الحزن العابرة:

فى هذا الحن الكبيرالذى يقال فى يوم الجمعة العظيمة، خلا من أية جمل حزينة، إلا من جملة واحدة صغيرة، بها تحول موسيقى عابر إلى سلم كبير- حتى لا يكون الحزن دامسا- وذلك لمجرد أن يُعَبر اللحن عن الألم الذى يذوقه من يبذل نفسه من أجل حبه للآخرين.

4. التعبير عن الذبيحة بالخفض:

لقد عبر لحن “هيتنى برسفيا” -الذى يُقال بعد صلاة الصلح- عن الذبيحة ” ثيسيا” بنغمات حادة متصاعدة. وجاء لحن ” فاى إتيآف إينف” ليعبر عن الذبيحة بطريقة عكسية، أى بنغمات غليظة منخفضة.فلماذا هذا التعارض؟

إن ذبيحة “هيتنى” كانت ذبيحة تسبيح، تُرفع من على مذبح القلب الى الآب السماوى. أما ذبيحة “فاى إيطاف”، فهى ذبيحة بذلْ، قدمها الآب السماوى إلى كل البشر على الأرض، ذبيحة حملت ثِقل خطية العالم كله، فسقطت إلى الأرض تحت نير الصليب.

5. التعبير عن قبول الذبيحة:

بعد أن سقط الحمل الوديع المُساق إلى الذبح على الأرض تحت نير الصليب، سمروه بالمسامير. واللحن عند كلمة “إسشيب” ومعناها مقبولة، نجده أخذ شكلاًآخراً، فنغماته صارت كالطلقات، محددة ونافذة،وكأنها أصوات المطارق وهى تدق المسامير فى يديورجلي يسوع المقدستين، وكأن اللحن أراد أن يُعلن أنه لا بد للذبيحة لكى تكون مقبولة، أن تُسمر على الصليب. ووضع اللحن نغمة سى بيكار الغريبة عن المقام فى هذا الجزء لكى تساعد فى تصوير دقات المسامير وهى تخترق جسد المخلص.

عزيزي القارئ، كم أتمنى أن أكون قد إستطعت أن ألقى الضوء على معاني وموسيقى لحن الصليب “فاي إيطاف إينف” على أن نستكمل باقي أقسام اللحن الأسبوع القادم. بركة خشبة الصليب وبركة لحن الصليب، تملأ حياتك بالقداسة والنقاوة والحب الإلهي العجيب.

عزيزي القارئ استمتع مع فيديوهات لهذا اللحن العظيم:

تاريخ الخبر: 2022-03-19 09:21:34
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

«طيور الظلام».. محرضون ودعاة فتنة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:14
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

«الحليمي» يهدد النساء - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

التقوا 12 مرة.. الزعيم «عُقدة» العميد - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-09-20 03:25:06
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

pendik escort
betticket istanbulbahis zbahis
1xbetm.info betticketbet.com trwintr.com trbettr.info betkom
Turbanli Porno lezbiyen porno
deneme bonusu
levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino levant casino
bodrum escort
deneme bonusu veren siteler
Bedava bonus casino siteleri ladesbet
deneme bonusu veren siteler
deneme bonusu
deneme bonusu
sex ki sexy
deneme bonusu
kargabet
تحميل تطبيق المنصة العربية