تبدأ نبؤات اليوم بكلام موسى النبى فى تثنية ٩، ١٠ يذكر بنى إسرائيل كم أغضبوا الرب فى البرية منذ أخرجهم من أرض العبودية فى مصر “ولا تزالوا تقاومون الرب”. يذكرهم بالعجل الذهبى الذى صنعوه ليعبدوه بينما مكث موسى فى الجبل أربعين يوما مع الرب يتلقى منه لوحى العهد. ومازلنا نحن أيضا نعبر البرية لنجوز من أرض عبوديتنا الى أرض الحياة التى وعدنا بها الرب—وهى رحلة هذا الصوم المقدس—لكننا نسقط فى تجارب الشيطان ونغضب قلب إلهنا. تضرع موسى الى الرب من ليصلح عن شعبه “فلم يشاء الرب أن يهلككم”.

النبؤة الثانية من ١ صموئيل ٢٣: ٢٦ الخ ، ٢٤: ١ الخ وتحكى عن هروب داوود من وجه شاول الملك الذى كان يريد قتله. وتتاح لداود الفرصة كاملة لقتل عدوه شاول، لكنه يقول: “حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي، بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ، لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ”. تعرض داود لتجربة غاية فى الصعوبة فقد كان فى إمكانه القضاء على العدو الذى يريد قتله ظلما، لكنه نجى من هذه التجربة بتواضع منقطع النظير ولم يستسلم لها لأنه وضع الرب أمام عينيه فلم يمد يده الى من مسحه الرب.

من سفر أيوب ١٥ نقرأ كلام أليفاز التيمانى أحد أصدقاء أيوب الذين حاولوا تعزيته فى تجربته القاسية المُرَّة ولم يفلحوا بل عاتبوه لأنهم ادعوا أن تجربته ما هى إلا عقوبة من الرب على خطاياه.

آخر النبؤات تأتينا من يسوع بن سيراخ ٢، ٣ بأقوال الحكمة “يَا بُنَيَّ، إِنْ أَقْبَلْتَ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ الإِلهِ … أَعْدِدْ نَفْسَكَ لِلتَّجْرِبَةِ … فَإِن الذَّهَبَ يُمَحَّصُ فِي النَّارِ، وَالْمَرْضِيِّينَ مِنَ النَّاسِ يُمَحَّصُونَ فِي أَتُونِ الاِتِّضَاعِ … أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ لِلرَّبِّ، انْتَظِرُوا رَحْمَتَهُ”. أى أن تجارب الشيطان آتية لا محالة لكننا ننتظر الرب ورحمته.

انجيل باكر من لوقا ٢٠: ٢٧-٣٨ يروى كيف جرب الصدوقيون الرب يسوع بدعواهم عن المرأة التى صارت زوجة لسبعة إخوة تباعا كشريعة موسى، ففى القيامة لمن تكون؟ “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ، وَلكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلًا لِلْحُصُولِ عَلَى ذلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ، لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ … وَأَمَّا أَنَّ الْمَوْتَى يَقُومُونَ، فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضًا فِي أَمْرِ الْعُلَّيْقَةِ كَمَا يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ.وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ، لأَنَّ الْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاء”.

التجربة لا تُرَّد سوى بكلام الله، وفى هذا المجال يتحدث بولس الرسول فى رسالته الى العبرانيين ١١: ١-٨ عن الايمان فيسرد أمثلة عديدة عنه من قبل رجال الله، ويقول أيضًا يهودا الرسول فى الكاثوليكون “وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ”.

أما فى أعمال الرسل ٢٣: ٦-١١، فنسمع الرب يقول لبولس وهو محتجز فى المعسكر بعد سلسلة تجارب قاسية من اضطهادات اليهود: “ثِقْ يَا بُولُسُ! لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا”.

انجيل القداس من لوقا ١١: ١٤-٢٦ يخبر بواقعة إخراج الرب لشيطان أخرس، لكن “قَوْمٌ مِنْهُمْ قَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ”. فقال لهم الرب “كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟” وأخيرا، يأتى القول القاطع للرب يسوع ليعبر عن حربنا ضد الشيطان فيقول: “حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ.” طالما تسلحنا بقوة ربنا يسوع المسيح، بالايمان والصلاة والصوم والرحمة، فلا يمكن ان يغلبنا الشيطان بتجاربه مهما كانت. أما إن تخلينا عن أسلحتنا فإننا بعدها نصبح لقمة سائغة للشيطان. وهذا هو لب الرسالة الموجهة لنا فى أسبوع الصوم الذى بدأ الأحد الماضى بأحد التجربة وينتهى اليوم.